يبدو أن تزايد استخدام محافظ الكريبتو والإجراءات الرقابية الجديدة تدفع العملات المستقرة للعب أدوار جديدة في الأسواق، وتشير التحولات الطفيفة للقطاع المالي إلى تأثيراتٍ اقتصادية أوسع وعلاقاتٍ عالمية أكثر تطوراً.
النقاط الرئيسية:
- العملات المستقرة تجتذب اهتماماً متزايداً وسط تبنيها من قبل قاعدة مُستخدمين أوسع.
- صنّاع السياسات يعملون على وضع أطر إشرافيةٍ أوضحَ لهذه الأصول الرقمية.
- تطوّرات السوق تعيد تشكيل التدفقات النقدية ضمن النظام المالي المترابط.
تجاوزت القيمة السوقية للعملات المستقرة (Stablecoins) علامة 230 مليار دولار هذا الأسبوع، مدفوعة بتزايد تبنيها وتجدّد الجهود التنظيمية داخل الولايات المتحدة وفقاً لبيانات DefiLlama.
دور العملات المستقرة في القطاع المالي وسط تزايد تبنيها وتتالي التطورات التنظيمية
توضّح البيانات أن القيمة السوقية للعملات المستقرة ازدادت الأسبوع الماضي بمقدار 1.83 مليار دولار لتصبح 230.2 مليار دولار، ما يُمثل زيادةً بنسبة 72% منذ بداية العام إلى الآن مقارنةً بقيمتها العامَ الماضي البالغة 133.25 مليار دولار، وتتصدّر عملة تيثر (USDT) المستقرة -التابعة لشركة تيثر (Tether)- هذا القطاع بـ 62.5% من قيمته الإجمالية بواقع 144 مليار دولار، تليها نظيرَتها المستقرة USDC -من شركة سيركل (Circle)- بقيمة 59 مليار دولار.
مخطط بياني يوضح بلوغ القيمة السوقية الإجمالية للعملات المستقرة مستوى غير مسبوق، المصدر: DefiLlama
وسجلت القيمة السوقية للعملات المستقرة أعلى مستوياتها في السابق عند 187.9 مليار دولار في نيسان/أبريل 2022، قبل أن تتراجع بسبب انهيار نظام تيرا-لونا (Terra-Luna) التقني وأزمات كبريات شركات الكريبتو مثل FTX وسيلزيوس (Celsius)، لكنه بدأ بالانتعاش منتصف عام 2023 وحافظ على وتيرة نموّه بعدها.
وانعكست هذه الانتعاشة على زيادة تبني المستخدمين وأنشطة محافظ الكريبتو، فقد أوضح تقرير مشترك لموقعي Artemis وDune تزايد أنشطة محافظ الكريبتو ذات أرصدة العملات المستقرة العام الماضي بمعدلٍ فاق 50%، مع ازدياد عدد عناوين المحافظ النشطة من 19.6 مليوناً في شباط/فبراير 2024 ليبلغ 30 مليوناً في ذات الشهر من عام 2025، مُسجّلاً زيادةً بنسبة 53% سنوياً، فيما امتدت هيمنة شركة تيثر لما هو أبعد من أسواق الكريبتو، إذ أصبحت سابعة أكبر مُشتري سندات الخزانة الأمريكية في عام 2024.
فتبعاً لباولو أردوينو Paolo Ardoino)) -رئيس تيثر التنفيذي- بلغ صافي مشتريات الشركة العام الماضي من سندات الخزانة الأمريكية 33.1 مليار دولار، متجاوزاً دُولاً كألمانيا وكندا والمكسيك.
ونوّه أردوينو بازدياد تبني عملة USDT المستقرة التي تتمتع حالياً بـ 400 مليون مستخدم عالمياً، مع نمو ملحوظٍ في الدول النامية.
تنظيم العملات المستقرة داخل الولايات المتحدة والدعم السياسي
يأتي توسّع أسواق العملات المستقرة مؤخراً مُواكباً لتزايد الاهتمام المؤسساتيّ والتطورات التنظيمية؛ ففي 20 آذار/مارس الماضي حثَّ الرئيس دونالد ترامب الكونجرس الأمريكي على إقرار تشريعاتٍ للعملات المستقرة خلال قمة نيويورك للأصول الرقمية، في تأكيد على دور الولايات المتحدة المتزايد في مجال الأصول الرقمية، حيث أوضح ترامب الحاجة الماسَّة لقوانين تتسم بالوضوح والموازنة بين النمو والأمن.
فقبل أسبوع واحد فقط، تقدمت لجنة البنوك لدى مجلس الشيوخ بمشروع قانون GENIUS المتعلق باستخراج المعلومات اللازمة للكشف عن أرصدة العملات المستقرة إلى مجلس الشيوخ بكامل هيئته، ليتم إقراره بأغلبية 18 صوتاً مقابل 6 أصوات، ويوصي القانون بخضوع جهات إصدار العملات المستقرة التي تتجاوز قيمتها السوقية 10 مليار دولار لإشراف مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
من جهةٍ أخرى، ستبقى نظيراتها الأقل حجماً خاضعة لتنظيم الولاية الأمريكية التي تتبعها، وأعربت السيناتور الأمريكية سينثيا لوميس (Cynthia Lummis) عن دعمها لنهج الرقابة المزدوجة التي يُمكنها توفير الوضوح التنظيمي دون إعاقة الابتكار.
دور العملات المستقرة المتزايد في النظام المالي
أوضح تقرير OurNetwork في شباط/فبراير 2025 أنّ العملات المستقرة تمثل حالياً أكثر من 1% من المعروض النقدي للدولار الأمريكي، في تأكيد على دورها المتزايد في النظام المالي العالمي. وأشار كريستوفر والر- (Christopher Waller) أحد محافظي الاحتياطي الفيدرالي- إلى أن العملات المستقرة المُقوَّمة بالدولار الأمريكي (USD) يُمكنها زيادة هيمنته عالمياً عبر تيسير عمليات الدفع الدولية وتوفير إمكانية وصول مواطني الدول ذات معدلات التضخم المرتفعة إلى الدولار الأمريكي.
فخلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ بتاريخ 11 شباط/فبراير، أعاد رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول (Jerome Powell) تأكيدَ دعمه لإقرار تشريعاتٍ تنظيميةٍ للإشراف على العملات المستقرة، مشدّداً على الحاجة إلى إشرافٍ رقابي واضح لضمان الاستقرار المالي مع استمرار قطاع العملات المستقرة بالتوسّع.
رسم مسار تنظيمي واضح
تُوفر الإجراءات الأخيرة للكونجرس الأمريكي تشريعاتٍ يَراها الكثيرون نقطة انطلاق لسوق محدّدة الملامح، فالنقاشات المتعلقة بالرقابة على العملات المستقرة تلعب حالياً دوراً محورياً في تشكيل معالم الأمن المالي والنمو، حيث توفر تطوراتٌ تنظيمية سياقاً يمكنه إكساب القرارات الاستثمارية أبعاداً جديدةً، فعلى المتداولين دراسة الموازنة بين المخاطر والمكافآت المرتبطة بهذا القطاع الناشئ، آخذين في الاعتبار كيف يُمكن لتدابير جديدة كهذه التأثير على نهج التعامل مع الأصول الرقمية خلال السنوات المقبلة.
الأسئلة الشائعة (FAQs)
كيف يُمكن لزيادة استخدام العملات المستقرة التأثيرُ على التجارة العالمية؟
قد ينعش ازدياد تبني العملات المستقرة التجارةَ الدولية عبر تسريع المُعاملات والحدّ من مَعوقات التحويل، ويُرجَّح أن تُؤثّر تحولات المعايير التنظيمية وتجاوب الأسواق معها كثيراً على الممارسات التجارية المستقبلية.
كيف يُمكن للتدابير الرقابية الجديدة تسهيل استخدام العملات المستقرة ضمن الخدمات المصرفية التقليدية؟
يُمكن للتدابير السياسية الجديدة توثيق الروابط بين العملات الرقمية والخدمات البنكية التقليدية، فقد يُؤدي استخدامها إلى تسهيل عمليات الدفع وإعادة رسم ملامح التفاعل مع النظم المالية القائمة تدريجياً.
ما المخاطر التي يجدر بالمستثمرين التنبه إليها مع تزايد استخدام العملات المستقرة؟
قد يُواجه المستثمرون شكوكاً مرتبطة بالتحوّلات السريعة للسياسات وتقلبات الأسواق الناتجة عنها، لذا يُنصح بمراجعة التعديلات التشريعية الجديدة وأداء الأصول لإدارة المخاطر المالية والتقنية المُحتملة بفعالية.
